جدة في وثائق مكتب السجلات البريطانية العامة
Jeddah in the Documents of the British
Public Record Office
تعد هذه الدراسة دراسة استطلاعية عن الوثائق الخاصة بمدينة جدة والمحفوظة في دار الوثائق البريطانية أو ما عرف بمكتب السجلات العامة Public Record Office والذي يقع في إحدى ضواحي مدينة لندن، وهي ضاحية (كيو) KEW والوثائق المحفوظة بمكتب السجلات العامة هي عبارة عن وثائق خاصة بمجلس الوزراء، ووزارات الخارجية، والمستعمرات، والحرب، والطيران والتربية، ووزارات اخرى.
وتضم وثائق وزارة الخارجية جميع المراسلات التي وردت من السفارات والقنصليات والممثليات البريطانية الأخرى في قارات العالم الخمس في مشارق الأرض ومغاربها. وهي تحتوي على تقارير السفارات أو القنصليات ليس عن صلات بريطانيا بالبلد فقط وإنما عن الأحوال الداخلية للبلد وعن اتصالات الممثلين البريطانيين وموظفيهم الرسمية منها والخاصة مع أبناء البلد التي يعملون فيها ومحادثاتهم معهم وهى لا تقل أهمية عن تعليقات المسؤولين البريطانيين في لندن على تلك التقارير وملاحظاتهم التي دونوها عليها وما تبادلوه من أراء خلال عملية صنع القرارات لإرسال التعليمات إلي هذا البلد أو ذاك وهي وثائق تكشف حقائق توجهات السياسة البريطانية تجاه كل بلد كان لها فيه تمثيل دبلوماسي ويظهر في هذه الوثائق وجهات نظر المسؤولين البريطانيين وأسلوب معالجتهم للأمور التي تهمهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة إضافة إلى ما تكشفه هذه الوثائق عن مدى النفوذ الذي كانت بريطانيا تمارسه في سياسة هذا البلد أو ذاك وطبيعة علاقاتها برجالاته. وكانت هذه الوثائق تحاط بأعلى درجات السرية لان تسرب أي منها قد يهدد مصالح الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس تهديداً خطيراً ويسبب لها إحراجاً شديداً ولكن حالياً أصبحت هذه الوثائق في متناول الباحثين شرط أن يمضي على أحداث ما سجل فيها ثلاثون عاماً وفقاً للقانون البريطانيً.
ومن ضمن هذه الوثائق البريطانية وثائق تتحدث عن مدينة جدة حيث مثل بريطانيا في جدة منذالنصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي/القرن الثالث عشر الهجري وحتى الحرب العالمية الأولى واحد وعشرون قنصلاً او نائب قنصل تركوا حصيلة وافرة من المعلومات القيمة عبر تقاريرهم التي كانوا يرسلونها – ما عدا في بعض الحالات القليلة (*) – إلى سفرائهم في العاصمة العثمانية استانبول.
وهذه الوثائق وضحت بصفه عامه السياسة البريطانية في المنطقة إذ أن مادتها العلمية غزيرة جداً لاشتمالها على كثير من الأحداث السياسية والاقتصادية وفي بعض الأحيان الثقافية والاجتماعية. وفي تصورنا إنها ستكشف بمشيئة الله للقراء عن الكثير خاصة محبي وعشاق هذه المدينة الحالمة التي ترقد على شاطئ البحر الأحمر والذين هم حريصون بلاشك على معرفة كل ما يتعلق بمدينتهم.
وفي الواقع فقد رصدت هذه الوثائق لنا الكثير من الأحداث ولكن بقلم ورؤية بريطانية وبأسلوب يخدم مصالح السياسية البريطانية في المنطقة ومن هنا تأتي أهمية الاطلاع عليها والمثابرة على الحصول على ما تبقى منها في ملفات دار الوثائق البريطانية خاصة وأنها تضمنت سيل من التقارير الغزيرة السياسية والاقتصادية والتي كتبت بطريقة جعلتنا نزداد يقيناً بمدى خطورة ودهاء السياسة البريطانية والمهم أن ما غاب عنا إدراكه في السابق لابد وان لا يغيب عنا اليوم خاصة بعد اطلاعنا على مثل هذه الوثائق ولعل هذا كفيل بأن يحفز الكثيرين ويدفعهم لاستكمال المشوار للكشف عن ما تبقى من خفايا تاريخية بها تخص تاريخنا الوطني.
وهذه الوثائق محفوظة تحت مسمى الشؤون الخارجية Foreign Office ومعظمها تقع تحت الأرقام التالية :
كما أن هناك مجموعة من الوثائق التي تخص جدة تصل إلى 29 ملف تحت رقم :
- F.O 371 (Saudi Arabia)
- F.O 141
- F.O 94
- F.O 967
وتم تقسيم هذه الدراسة إلى مقدمة وثمانية فصول وعدد من الملاحق لتغطية محاور الدراسة وفقاً لتصنيف الوثائق حسب موضوعاتها بعد ترجمتها. وفي الهوامش تحليلات وتعليقات إما للتوضيح أو للرد على أخطاء بعض القناصل او نوابهم والتي قد تكون مقصودة أو غير مقصودة والتي قد يعود سببها في اغلب الظن إلى عدة أمور منها عدم تأكدهم من صحة معلوماتهم أحياناً أوهيمنة علاقاتهم وعواطفهم الشخصية على كتاباتهم هذا بالإضافة إلى بعدهم في بعض الأحيان عن مكان وزمان وقوع الحادث مما يجعلهم يعتمدون على الرواة الذين قد يصدقون أو يكذبون أو يبالغون.
(*) في بعض الحالات أرسل القناصل البريطانيون في جدة تقاريرهم رأساً إلى وزير الخارجية في لندن.
|